التسويق العاطفي “Emotional Marketing”
يتعرض المُستهلك العادي لما يتراوح بين 6 آلاف و 10 آلاف إعلان كل يوم. على الهاتف تجد الإعلانات، في الشارع وعلى الكباري، آلاف الرسائل الترويجية التي نتعرض لها يوميًا، منها متوقع وممل يَثبت في أذهاننا و يحمّسنا إلى شراء المنتج! فهل تعرف ما هو السبب وراء ذلك؟ إنه التسويق بالمشاعر أو ما يُعرف أيضًا بالتسويق العاطفي.
كشفت دراسة أجرتها شركة Nielsen عام 2016 أن الإعلانات التي تؤثر على مشاعر المستهلكين تتسبب في زيادة المبيعات بنسبة 23%.
كما ذكرت مجلة Harvard Business Review أن الرابط العاطفي الإيجابي مع المنتج والشركة أكثر أهمية للمُستهلكين من رضا العملاء، ومن هنا ظهر مفهوم «التسويق بالمشاعر».
هل تشعر بالتسويق عندما تشاهد إعلانًا مؤثرًا يحرك عواطفك؟ هل تشعر بالرغبة في التسوق عندما تقرأ مراجعة إيجابية حقيقية من العملاء عن منتج أو خدمة ما؟
نعتقد -نحن البشر- أننا مخلوقات عقلانية ومنطقية.. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أننا كبشر عبيد للمشاعر، فكل ما نقوم به يعتمد على العاطفة، حيث تحدث الصلات العاطفية لأننا بشر.
في التسويق أنت تتعامل مع بشر, والنفس البشرية مُثيرة ومعقدة كثيرًا، لذا فهي لا تحتاج منك رسائل مُعقدة، بل بسيطة وعميقة تلمس مشاعرهم أكثر من مجرّد سرد للمُميزات والمنافع. لهذا أنت بحاجة لفهم ما هو التسويق العاطفي، وكيف تستخدمه لزيادة مبيعاتك والعائد على الاستثمار؟
لا يعد التسويق العاطفي وليد اللحظة، فقد كان يُستخدم في القدم في التأثير على الجيوش عند الحروب من خلال الشعارات والهتافات، وما إلى ذلك. وأما حديثًا أصبحت العلامات التجارية تستخدمه في التأثير على العملاء المستهدفين من خلال حملات التسويق العاطفي والتي تركز على احتياجات العملاء فتنشئ تفاعلًا يرغمهم على القيام برد فعل معين، يتمثل في قرار الشراء.
فعندما تقوم أبل أو سامسونج بعقد مؤتمر لهواتفها الجديدة وتطلق عليها شعارات مشوقة. فهذه لمحة عن التسويق العاطفي والذي يركز على مفاجأة شريحة العملاء المستهدفين، لذلك المواصفات والميزات الجديدة سترسخ أكثر في ذهن العملاء، ومن ثم يبدؤون بالشعور بالتفاخر عند امتلاك هذه الأجهزة، فتراهم يسارعون لشراء أخر موديلات الهواتف.
ويتمحور التسويق العاطفي في الأساس حول إنشاء اتصال مع الجمهور بالتأثير على مشاعره. والذي يسد الفجوة بين المستهلك والعلامة التجارية.
ويعرف التسويق العاطفي بأنه جميع الأنشطة التسويقية التي تستهدف إثارة ردود فعل عاطفية لدى الجمهور المُستهدف لحثه على اتخاذ قرار الشراء. فإنَّ الهدف منها هو إثارة المشاعر الإيجابية المتعلّقة بالمنتج أو الشركة، مثل: التحدي، الحماس، الفرح من أجل المُسارعة وبدء تجربة المنتج أو الخدمة.
بينما يعرف التسويق العاطفي أيضا بأنه استخدام العاطفة بشكل أساسي من أجل جذب انتباه الجمهور، وإقناعه ودفعه لمشاركة المنتج وشراءه، أي أن الهدف الرئيسي لهذا النوع من التسويق هو استغلال العامل النفسي للشخص لصالح الشركة والمنتج.
كما يشير هذا المفهوم إلى الجهود التسويقية والإعلانية التي تستخدِم العاطفة في تحريك مشاعر العملاء وذاكرتهم عند الشراء، أي أنه ينغمس في التأثير في عواطف المستهدَفين مثل السعادة والحزن والغضب والخوف، وذلك في سبيل الحصول على استجابة العميل وتفاعله.
«التسويق العاطفي – Emotional Marketing» هو ببساطة القدرة على التواصل بقوة من خلال استخدام التقنيات المختلفة التي تثير المشاعر. يمكن لمطوري استراتيجية التسويق العاطفي التركيز على قضايا متنوعة لنقل رسالة تسويقية عاطفية.
أهداف التسويق العاطفي
تهدف الرسائل التسويقية العاطفية إلى إشباع الرغبات النفسية لدى العملاء مثل جعلهم يشعرون بالذكاء والجمال والأناقة، أو أيّ شعور يلامس الاعتزاز الذاتي والثقة بالنفس، إلى جانب المشاعر الأخرى التي قد تكون سلبية مثل الخوف أو الهلع، والتي تؤثر بدورها في قرار الشراء وتكرار الشراء.
تنبع أهمية التسويق العاطفي من مساهمته في تشكيل الانطباعات الأولى عن المنتج أو العلامة التجارية في غضون ثوان، مما يمكّن من اكتساب مكانة مميّزة في أذهان العملاء. ويساعد أيضاً في استغلال عواطف العملاء ما يجعل كثيراً من قرارات الشراء اندفاعية تصب في مصلحة الشركة أو البائع.
إلى جانب التسويق بالبريد الإلكتروني والإعلانات المبرمجة يعد التسويق بالعواطف من أهم المجالات الرائجة للعام الجديد 2021 والتي ستشهد تطورًا ونموًا كبيرًا.
أمثلة على التسويق العاطفي :
تشير دراسة أجرتها هارفرد إلى أن نقص المعلومات حول المنتجات لا تزعج العملاء حتى لو كانت تلك المعلومات مهمة جدًا في قرار الشراء، بقدر التأثير الذي يتركه المنتج على مشاعر الأشخاص. لقد ثبُتَ في الواقع أنه يمكن للناس البحث عن منتج بقدر ما يريدون، ولكن في عالمنا المليء بمجموعة واسعة من الخيارات الجيّدة فإن العامل الرئيسي الذي سيحدث فرقًا في اختيار وتفضيل منتج على آخر، هو العاطفة.
حيث إنه ومع اتخاذ المستهلكين لقرارات الشراء بشكلٍ متزايد بدافع من المشاعر والعواطف وليس المنطق، فإن التسويق العاطفي خلق علاقات هادفة بين العلامة التجارية والمستهلكين.
تلك العلاقة تؤدي إلى ظهور مشجعين للعلامة التجارية وبناء قاعدةٍ منهم، ليحلوا محل نهج «تسويق الولاء – Loyalty Marketing» الذي كان سائدًا في السنوات الماضية. يروي التسويق العاطفي قصة ارتباط الجماهير بالعلامات التجارية بطريقة شخصية وإنسانية.
ونظرًا لأن المستهلكين يميلون إلى اختيار العلامات التجارية استنادًا إلى العواطف بدلاً من المنطق، فكلما كان الذكاء العاطفي للعلامة التجارية أفضل، كلما كان ذلك أفضل بالنسبة للعائد على الاستثمار ROI.
نشرت سامسونج في 30 ديسمبر 2016 مقطع فيديو مدته 4 دقائق، اجتاز 100 مليون مشاهدة على يوتيوب في غضون سبعة أسابيع فقط من إطلاقه. تجاوزت من خلاله بيع المنتج نفسه الى بيع الرسالة التي تفاعلت معها مشاعر الجمهور، وهذا ما يطلق عليه “التسويق العاطفي”.
تؤثر المشاعر أيضًا على ولاء العلامة التجارية، فوفقًا لمجموعة Tempkin، في دراسة أجريت عام 2016، توصلوا إلى أنه عندما يكون لدى الأفراد ارتباط عاطفي إيجابي بعلامة تجارية معينة، فإنهم يكونون أكثر عرضة للثقة بالشركة وعلاماتها التجارية بمقدار 8.4 أضعاف، وأكثر عرضة للشراء بمقدار 7.1 أضعاف واحتمال أن يغفروا خطأ الشركة بمقدار 6.6 أضعاف.
كما أصدرت شركة Nielsen دراسة في عام 2016 كشفت أن الإعلانات ذات الاستجابة العاطفية الأعلى من المتوسط من جانب المستهلكين تسببت في زيادة المبيعات بنسبة 23 ٪.
كما ذكر مجلة Harvard Business Review أن الرابطة العاطفية الإيجابية مع شركة أكثر أهمية للمستهلكين من رضا العملاء، وهنا ظهر مفهوم «التسويق العاطفي».
وبالتالي فإن التسويق العاطفي هو الاستراتيجية الإعلانية التي تستخدم العاطفة لجعل الجمهور يلاحظ، ويتذكر، ويشارك ويشتري منتجًا أو خدمة، ويخلق وعيًا بالعلامة التجارية ليزيد من المبيعات وعائد الاستثمار للعلامة التجارية.
الأسباب التي توجب علينا التعمق في فهم أساليب التسويق العاطفي :
هناك الكثير من الأسباب التي توجب علينا التعمق في فهم أساليب التسويق العاطفي وكيف نستغله لصالحك في جذب المزيد من الجماهير، ومن أهم هذه الأسباب:
التسويق العاطفي يعطي انطباعات أولى رائعة:
يقولون أن الانطباع الأول هو الذي يشكل أقوى ردة فعل، فإذا رأيت منتجًا معروضًا بشكلٍ سيء ستكون رد فعلك عكسية حتى ولو كان هذا المنتج جيد بالفعل.
ما يفعله التسويق العاطفي هنا هو إعطاء الانطباع الأول والقوة اللازمة ليكون لدى الجمهور ذلك الدافع للإعجاب أو حتى المشاركة والشراء.
فيساعد التسويق العاطفي الناس على اتخاذ القرار بقلوبهم، حيث تعتبر عمليات الشراء التي تنبع من محبة الناس للمنتج من أوثق وأكثر الطرق قوة، لأنها تسهل عمليات الشراء وتقلل من معدل الارتداد، والأهم من هذا وذلك أنها تؤدي وبشكل جيد إلى تكرار عملية الشراء من نفس الشركة أي زيادة الولاء للعلامة التجارية.
إن التسويق العاطفي، إذا تم على نحو صحيح، يساعد المسوقين وأصحاب العلامات التجارية على التمييز والتنافس في هذه البيئة المتغيرة المليئة بالتحديات، وينقل قيم العلامة التجارية واهتماماتها وشغفها بشكلٍ أمثل، مما يجلب العاطفة والتركيز إلى كيان شركة، ويحول المستهلكين غير العاديين من أصحاب الولاء إلى عشاق للعلامات التجارية.
الدكتور محمد طاهر صالح - دكتور جامعي حاصل على الدكتوراه في مجال إدارة الاعمال والتسويق من جامعة قناة السويس . مصر - مستشار دولي في مجال الاستيراد والتصدير من معهد منظمة التجارة العالمية - مستشار تحكيم دولي في مجال منازعات الاستثمار وحقوق الملكية الفكرية من جامعة القاهرة . مصر - عضو المستشارين العرب والدوليين في مجال عقود الملكية الفكرية والمنازعات المصرفية من المعهد الامريكي للتدريب والتنمية في مصر - خبير في إعداد درسات الجدوى وإدارة وتقييم المشاريع - خبير في مجال التحليل الاحصائي عبر برنامج SPSS