المرونة الاستراتيجية Strategic Flexibility
مقدمة :
تعتبر المرونة الاستراتيجية من المفاهيم الحديثة نسبياً وبدا الاهتمام به في العقد الاخير من القرن العشرين نتيجة ارتفاع درجة عدم التأكد البيئي الذي يواجه الشركات، خاصة العاملة في السوق الدولي بسبب التغيرات في البيئة العالمية، وكذلك نتيجة مجموعة من العوامل بعضها سياسي كتفكك الاتحاد السوفياتي ودول الكتلة الشرقية، والبعض الاخر اقتصادي كتوجه الشركات نحو العالمية واتفاقيات التجارة الحرة، وسياسات التحرر الاقتصادي والخصخصة في عدد من دول العالم، وكذلك نتيجة العامل التكنولوجي، وثورة الاتصالات والمعلوماتية.
إن الأنظمة المرنة هي أنظمة ذكية تتجاوب فيها مجموعة من الأبعاد، وهذه الأبعاد هي، الجانب التنظيمي وما يرتبط به من أدوار وعلاقات ومركزية وصلاحيات وغيرها، والجانب العملياتي والتكنولوجي وما يرتبط به من إنتاج ومراحل إنتاجية وتخزين وتوزيع.....إلخ. أما الجانب الإنساني متمثل بالقيم الفردية والجماعية والإدراك والسلوك والتفاعل.
مصطلح المرونة الاستراتيجية :
استخدم مصطلح المرونة الاستراتيجية من قبل العديد من الباحثين في مجال الاستراتيجية، وعلى الرغم من ذلك، لايوجد في الادبيات التي تناولت هذا المفهوم تعريف جامع يتفق عليه جميع المعنيين في هذا المجال، وهو بذلك لايختلف عن بقية المفاهيم الادارية الاخرى، لاختلاف اراء وتصورات الباحثين حول هذه المفاهيم. ويعد Ansoff اول من تناول مفهوم المرونة كخيار استراتيجي، حيث افترض ان خيار المرونة هو استجابة لظهور حاجة اطلق عليها بالإدارة المفاجئة .
ووفقا لرأي Eppink فان المرونة الاستراتيجية هي الاستجابة الاستراتيجية لما هو غير متوقع. وقد عرف Aaker& Mascarenhas المرونة الاستراتيجية على انها امكانية المنظمة على التكيف للتغيرات البيئية الجوهرية، وغير المتوقعة وسريعة الحدوث الحاصلة في البيئة.
في حين يرى Harrigan المرونة الاستراتيجية على انها تحديد امكانات المنظمة لإعادة ترتيب وضعها في السوق ، وتغيير خطط اللعبة ، او الغاء استراتيجياتها الحالية عندما يصبح وضع الزبائن الذين تخدمهم غير جذاب كما هو حالهم في الماضي . وبالنسبة لـHurry (5) فان المرونة الاستراتيجية ترتبط باستجابة المنظمة التي تحدد التفاعل مع البيئة التي تعمل فيها.
في حين اشار Hitt ان المرونة الاستراتيجية تشير الى مجموعة الامكانات التي تستخدم في الاستجابة للطلبات والفرص المتنوعة الموجودة في البيئة التنافسية الدينامية ومعالجة عدم التأكد والمخاطر المرافقة لها. ويرى Wheelen ان المرونة الاستراتيجية تعبر عن امكانية المنظمة على التحول من استراتيجية الى اخرى .
اما فيرى ان المرونة الاستراتيجية هي تطوير وتعزيز الموارد الاستراتيجية والامكانات الدينامية بطريقة فاعلة في الحاضر /المستقبل من اجل تحسين كفاءة وقدرة المنظمة على التكيف للتغيير . ومن الملاحظ ان اهم ما يميز التعاريف الواردة في اعلاه ، تركيزها على التغيرات البيئية التي تفرض على المنظمة محددات صعبة وطويلة الامد ، وتتطلب الشروع بعملية التكييف الاستراتيجي .
وعليه فالمرونة الإستراتيجية: هي قدرة الشركة على الاستجابة للتغيرات الرئيسية التي تحدث في بيئتها الخارجية من خلال تخصيص الموارد اللازمة للاستجابة لتلك التغييرات وإعادة التفكير باستمرار بالإستراتيجية الحالية وتعديلها.
كما أن المرونة تحدد استمرارية العلاقات داخل النظام وهى مقياس قدرة الأنظمة على استيعاب المتغيرات التي تواجه المنظمة وينظر الكثير من الكتاب للمرونة بأنها ظاهرة على المستوى التنظيمي تتمثل في قوة الوحدات التنظيمية في التعامل مع الأحداث غير المرغوبة والأزمات أو الحد منها أو ادارتها حتى تستطيع المنظمة الوصول إلى مرحلة التعافي.
وبناءا على ما تقدم يمكن ان نستنتج ان المرونة الاستراتيجية :
- خيار استراتيجي يستخدم في الاستجابة للظروف غير المتوقعة .
- تكيف المنظمة للتغيرات البيئية الحرجة التي تحدث في البيئة في الوقت المناسب وبالطريقة الملائمة.
- الاستجابة للفرص المتاحة في البيئة التنافسية بما يضمن تعزيز الموقع التنافسي للمنظمة .
- آلية تمكن المنظمة من التحول من استراتيجية الى اخرى وبأقل الكلف .
- تطوير الموارد الاستراتيجية بأسلوب فاعل وبما يضمن تحسين كفاءة وقدرة المنظمة على التكيف بشكل مستمر للتغيير .
إذ وصفت فيها المرونة في حقبة السبعينات على أنها أسلوب من أساليب المناورة الاستراتيجية Manoeuvrability Strategic والتي تعكس الدرجة التي يتم بها ظهور السلوك الاستراتيجي للمنظمات Behavior Strategic ، إذ تعتبر المناورة الاستراتيجية محدد لحرية حركة المنظمات تجاه البيئة والمنافسين ، كما عبر عنها بخاصية التكيف Adaptiveness التي تشير إلى قدرة المنظمة على الإستجابة للتغيرات غير المتوقعة، وهناك من إعتبارها خاصية أساسية من خصائص المنظمة مما يعطيها عنصر قوة لمواجهة التغيرات البيئية الخارجية غير المتوقعة أو تكون المنظمة في وضع أفضل للإستجابة وبنجاح للتغيرات البيئية .
لذا يختلف مفهوم المرونة الاستراتيجية عن مفهوم المرونة بمعناها العام كون مفهوم المرونة الإستراتيجية يرتبط بجوانب عديدة ذات أهمية استراتيجية للمنظمة.
وعليه فان المرونة الاستراتيجية من وجهة نظر الباحثين تعرف على انها " الخيار الاستراتيجي الذي يمكن المنظمة من الاستجابة بشكل فاعل لحالات التغيير المتنوعة التي تحصل في البيئة وبما يساعد على تحقيق و/ او المحافظة على الميزة التنافسية " .
اهمية المرونة :
تسعى منظمات الأعمال بشكل حثيث إلى تحسين و تطوير أدائها بما يضمن نموها و استمراها في السوق و خاصة في ظل المخاطرة و عدم التأكد و التي تؤثر سلباً على أداء تلك المنظمات فيما لو لم تقابل بآليات عمل تمكنها من مواكبة التغيرات الناتجة عن تلك الحالات.
يمكن أن تساعد المرونة أيضًا على تجنب العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بحالات الصحة العقلية، مثل التعرض للتنمر أو الإصابة الجسدية السابقة. إذا كانت لديك أعراض قائمة لحالة تتعلق بالصحة العقلية، فقد يحسن تحليك بالمرونة قدرتك على التكيّف مع هذه المشكلة.
فكون المرونة الاستراتيجية ذات أهمية كبيرة لنجاح منظمات الأعمال لذلك من الطبيعي أن يكون التركيز عليها من قبل الإدارة العليا للمنظمات كبيراً، فقد أشار كل من ,Bandhold & Lindgren إلى أن تحسين المرونة الاستراتيجية للمنظمة يمكن أن تتحقق من خلال التركيز على ثلاثة أبعاد رئيسية، وهي:
- بعد التفكير عادة ما يساهم في تعزيز قدرة المنظمة بإجراء التغيرات المطلوبة قبل غيرها من المنظمات الأخرى، وأن التفكير يتطلب بالقيام بالتحليل البيئي ووضع البدائل والسيناريوهات المحتملة للإستفادة من الفرص وتعزيز القدرات الاستراتيجية للمنظمة.
- أما بعد المهارة في لعب الأدوار، فإنه يتيح للمنظمة الإمكانية بإشتقاق رؤى واسعة وتفعيل روح المبادرة والفعل من خلال التأكيد على الإبتكار والإبداع، وإذا كانت المنظمات المتميزة في بعد التفكير تمتلك قدرة إستكشاف المستقبل نظرياً فإن هذا البعد في لعب الأدوار يجسد قدرات عملية وتجريب للمنتجات والخدمات وبالتالي تشكيل وتكوين وبناء المستقبل المرغوب.
- وأخيراً، فإن بعد الإستثمار يمكن المنظمة من الحصول على تغذية أمامية وعكسية تدعم خياراتها الاستراتيجية وذلك من خلال وجود ثقافة تنظيمية قوية معززة بأطر رقابية صحيحة.
ويمكن فهم المرونة باعتبارها:
- خاصية من خصائص الواجهة المشتركة أو الإرتباط ما بين النظام وبيئته الخارجية. وفي هذه الحالة، تعمل المرونة كعامل تصفية لتخليص النظام من المشاكل الخارجية، وإستيعاب وإحتواء حالة اللاتأكد البيئي
- درجة من درجات كفاءة النظام الديناميكية والرقابة الإستبابية (درجة التكيف المعرفي).
- القابلية على التكيف والتغيير.
أبعاد المرونة الاستراتيجية :
أن نجاح منظمات الاعمال في الوصول الى الريادية يتطلب عنصر مهم واساسي وهو (المرونة الاستراتيجية) التي يعتبر وجودها احد العوامل المساعدة والمهمة في هذا النجاح, اذ تساهم وبشكل فعال في زيادة قدرة المنظمات في مواكبة التغيرات التي تشهدها البيئة المحيطة بها اذ تؤدي المرونة الاستراتيجية الى اتباع المنظمات النهج الاستباقي بدلا من نهج ردة الفعل الذي في الغالب يؤدي الى وجود قصور في الجهد والوقت والتكلفة.
كما ان نجاح منظمات الاعمال يعتمد على قدرتها على مجاراة الظروف المتغيرة في بيئة العمل. وعلى الرغم من ان اغلب منظمات الاعمال تقوم ببناء ممارسات جديدة للحد من التغير المستمر والديناميكي في البيئة التي تعمل فيها, الا ان هذا العمل لا يكفي اذ ان اغلب هذه الممارسات تعمل على التحسين فقط, ولا تعمل على توليد الميزة التنافسية التي تضمن بقاء منظمات الاعمال في دائرة المنافسة مع منظمات الاعمال الاخرى والتفوق عليها, اذ يجب عليها ان يكون اهتمامها موجهاً نحو المرونة الاستراتيجية, كون المرونة الاستراتيجية تضمن تقديم الدعم لتطوير الاستراتيجيات المستقبلية, فهي تمكن منظمات الاعمال من الاستجابة والتكيف بسرعة للتغير المستمر في العوامل البيئة سواء اكانت داخلية او خارجية.
يمكن ربط المرونة بالأبعاد الآتية النوعية، وتشمل المرونة المادية والتي تشير إلى المقدرة على التعامل مع الاختلافات في المواد المشتراة، ومرونة المخرجات والتي تبين المقدرة على عمل منتجات بنوعيات مختلفة وأيضا كما يلي :
- المرونة السوقية: تشير إلى قدرة المنظمة على إعادة تقييم جهودها التسويقية في السوق المحلي والدولي خلال فترة قصيرة من الوقت، وذلك إستجابة للمتغيرات البيئية.
- المرونة الإنتاجية: تشير إلى قدرة المنظمة على تصنيع منتجاتها، لتكون ملائمة في معظم الأسواق المحلية والدولية، وتقديمها بوقت قصير، وبأسعار منافسة.
- مرونة القدرات: تشير إلى قدرة شركة مناجم الفوسفات الأردنية من الإستفادة الكاملة من الموارد الجديدة والأكثر فعالية لتلبية إحتياجات عملائها، .
المرونة الاستراتيجية( خفة الحركة الإستراتيجية) :
ردحذفتمثل المرونة الإستراتيجية قدرة المنظمة على التكيف والإستجابة السريعة للظروف البيئية الديناميكية المتغيرة المحيطة بها، مع ضرورة حفاظ الشركة على قدرتها التنافسية في أداء أعمالها بدرجة عالية من الإبداع والإبتكار، وتحقيق المطروحة لإنتاج منتجات وخدمات متميزة لعملائها، للحصول على إيرادات وأرباح عالية.
تحقيق المرونة الإستراتيجية:
تستطيع الشركة تحقيق المرونة الاقتصادية من خلال:
١) التوقع: إذ يجب على الشركة التركيز على إحتياجات العملاء الداخليين ، ومراجعتها بإستمرار ، وتوقع ما قد يحتاجون إليه في المُستقبل.
٢) الإستشعار: الإنتباه إلى التغييرات التي تحدث في السوق أو في أي أسواق أخرى.
٣) الإستجابة: الإستجابة السريعة لحالات الطوارئ ، إستجابة سريعة ورسالة في صورة سريعة ، وتوقع السيناريوهات.
٤)التكيّف: يجب أن تتمتع الشركة بالمرونة في جودة خططها عند حدوث تغييرات في بيئة العمل. أيضاً يجب أن تتكيف الشركة مع التغييرات وتسمح بتعديل هيكلها التنظيمي أو بيئتها للتعامل مع تطورات السوق.
العناصر الأساسية لنجاح الإستراتيجية
تقوم بالتركيز على عناصر أساسية ، وهي:
١) الإختيار: لابد من أن تكون خطة المرونة الإستراتيجية إختيار الخيارات من داخل الشركة.
٢) التركيز: يُعدّ التركيز على تحقيق أهداف المرونة الإستراتيجية عنصر مهم في الخطة ، بالنسبة للعام نفسه في الشركة ، إذ لابد أن يتأكد المدير من فهمهم ، وأن يوضح لك كيف تساهم في تحقيق المرونة الإستراتيجية ، وأن تذكرهم أيضًا بالأهداف الإستراتيجية المطلوب تحقيقها.
٣) الإتصال: المهم أن يكون المدير على تواصل دائم مع موظفي الشركة وأن يحقق لهم الرضا الوظيفي ، ويزرع فيهم الولاء والإنتماء للشركة ، وأن يأخذ كافة الملاحظات التي يقترحونها على محمل الجد.
كفاءة المرونة الإستراتيجية:
مفهوم المرونة الإستراتيجية هي القدرة على التغيير ، ومدى الإستجابة للتغيير ، ومن ثم التغيير إلى منهج النجاح والفوائد وإستغلال أفضل الفرص للحصول على المرونة الإستراتيجية ويتم التركيز في هذه الصورة على الخطوط الأساسية في العمل.
#محمد_الحداد